مداخلة في تقرير وكالة سبوتنك حول العراق وطبيعة اصطفافاته الإقليمية والدولية
هل انخرط العراق في "دول المحور" بشكل نهائي وتخلص من سطوة واشنطن.
أفادت وسائل إعلام عن تحركات وإخلاء مواقع قامت بها مجموعات تابعة لـ”الحشد الشعبي” العراقي منذ أيام في منطقة البوكمال في محافظة دير الزور السورية، وذلك بالتنسيق مع الجيش السوري.
التحركات العراقية بالتنسيق مع الجيش السوري تشير إلى تعاون وثيق من ناحية الحرب على الإرهاب ضمن المحور السوري الروسي الإيراني، إلا أن بعض الخبراء أكدوا أن التعاون الأمني أو العسكري لا يعني انخراطا مطلقا من قبل العراق في المحور، إنما تسوده سياسة التوازنات الوطنية.
وكانت قوات الحشد الشعبي قد أخلت منذ أيام عددا من المواقع في مدينة البوكمال في محافظة دير الزور بالتنسيق مع الجيش السوري، مع توارد أنباء عن بدء العشائر المحلية بتشكيل قوات رديفة للجيش السوري في المنطقة.
فبحسب صحيفة “الوطن” السورية: “أخلت عناصر من قوات “الحشد الشعبي” العراقي التي تقاتل الإرهاب إلى جانب الجيش العربي السوري، موقعاً لها بجانب مدرسة علي بن أبي طالب في مدينة البوكمال، واتجهت إلى منطقة الهري على الحدود السورية العراقية، حسبما ذكرت مواقع إلكترونية معارضة”، وأضافت أن هذه التحركات جاءت “بتنسيق كامل مع الجيش السوري”.
في هذا الشأن، قال مدير مركز الدراسات والأبحاث الأنتروستراتيجية صلاح النشواتي لوكالة “سبوتنيك”:
“بالرغم من سياسة المحاور المتبعة في الشرق الأوسط كمنطقة، إلا أن السياسة الخارجية العراقية تقوم على مبدأ عدم الاصطفاف كمبدأ أساسي لرؤية العراق ومكانته في المنطقة، وتقبّل تداخل مصالح العديد من الدول التابعة لمحاور متحاربة بين بعضها البعض داخل العراق، ونتيجة لذلك اتبعت الحكومة العراقية رؤية العراق أولاً، أي مصلحة العراق فوق مصلحة الجميع”.
وأضاف النشواتي “بالتالي تمارس الدول التي لها مصالح خاصة في العراق سلوكا طبيعيا ولكن دون خرق إطار المصلحة الوطنية العراقية، وتحرص الحكومات العراقية بنهج ثابت على منع التصادم بين مصالح الدول داخل العراق، وتسعى ليكون العراق ساحة لقاء لا ساحة نزاع بين الأضداد الدولية، وهي رؤية نابعة من تشرذم المكونات العراقية الداخلية، والخوف من تبعات أي اصطفاف بالانهيار الكامل للدولة العراقية، وهذه الرؤية توافق عليها كل الدول المرتبطة مع العراق سواءً واشنطن أو طهران وحتى الرياض، كحرص دولي وإقليمي على أن لا تتحول الدولة العراقية بجغرافيتها إلى مساحة عدم استقرار ومعسكر كبير لنشر الإرهاب”.
وكان رؤساء هيئات الأركان في سوريا والعراق وإيران التقوا في آذار الماضي تحت عنوان عريض هو، التنسيق في إطار متابعة مكافحة الإرهاب، وعندما يؤكد رؤساء هيئات الأركان على ضرورة خروج القوات الأجنبية من إدلب وشرق الفرات وسحب جميع القوات الأجنبية المتواجدة على الأرض السورية دون موافقة الدولة السورية هذا يعني الكثير.
خاصة أن عقد اللقاء في دمشق له رمزية كبيرة قد تخلط أوراق الطرف الآخر في أدق لحظات الحرب على سورية حسب الخبراء، ويأتي تصريح وزير الدفاع السوري العماد علي أيوب أن أي وجود عسكري لأي دولة من دون دعوة سوريا هو احتلال ويحق لسوريا الدفاع عن سيادتها، وإدلب ليست استثناء وستعودة للسيادة السورية. ليؤكد وزير الدفاع السوري مدعوماً بتصريحات عراقية إيرانية حازمة وموجهة بدقة على أن خطة ما يتم دراستها بين الأطراف الثلاثة على المستوى العسكري بما يخص قادمات الأيام في سوريا والعراق ضد ما تبقى من التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم “داعش” الإرهابي (المحظور في روسيا).
من ناحيته اعتبر الخبير الاستراتيجي العراقي الدكتور أحمد الشريفي في حديث لوكالة “سبوتنيك” أن دور واشنطن ما يزال مؤثرا في مفاصل الدولة العراقية، وقال:
“نعم هكذا ترغب الحكومة (أي بالانضمام للمحور) ولكن ملفات الفساد وسوء الإدارة تحول دون قدرة الحكومة على تبني موقف، ولا يزال العراق تحت السطوة ومفاصل الدولة المهمة بيد الأمريكان بما فيها السيادة”.
وأضاف “بحسب وضع الحكومة هل ستصمد أمام التحديات اليوم تقرير أمريكي ينذر بعودة داعش وسوء الخدمات والفساد لا يزال خارج سيطرة الحكومة ومتوقع أن تكون هناك مظاهرات قد تستخدم ورقة ابتزاز”.
وكان الشريفي اعتبر في حديث سابق حول اللقاء السوري العراقي الإيراني أن:
“هناك جملة من الرسائل، ولكن في تقديري هذه الرسائل لم تأخذ بنظر الإعتبار نوع طبيعة وشكل النظام السياسي في العراق، أو مستقبل النظام السياسي في سورية، فضلاً عن أنها لم تراع قضية التوازنات الدولية والتحالفات في مجال التعاون العسكري بين العراق والولايات المتحدة وبين سورية وروسيا، وفيما يتعلق بالنظام السياسي، المؤسسة العسكرية ليست حرة، وإنما هي بالإمرة السياسية، ومن يحرك ويرسم استراتيجبات المؤسسة العسكرية ليس هيئات الأركان وإنما القرار السياسي، والقرار السياسي يتأثر بالتوازنات الدولية وبمنظومة التحالفات الدولية، لذلك الرسائل كان لها إيحاء إلى مسألة تتبنى مطالبات هي ذات أبعاد سياسية ولكنها صدرت من قيادات عسكرية لا تمنلك هكذا صلاحيات في معالجة هكذا مسائل حساسة”.
وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أصدر اليوم قرارا بضم كافة تشكيلات “الحشد الشعبي” إلى القوات المسلحة العراقية، وإغلاق مقراتهم سواء داخل المدن أو خارجها، وقطع أي ارتباط لها مع أي تنظيم سياسي.
وأمر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، بغلق جميع مقرات الفصائل المسلحة داخل المدن وخارجها.
ويقضي مرسوم رئيس وزراء العراق بدمج الفصائل المسلحة في القوات النظامية. وأن تقطع كل الوحدات المسلحة أي ارتباط سياسي بأي تنظيم
كما يمنع المرسوم الفصائل المسلحة التي تختار العمل السياسي من حمل السلاح.