مقابلات صحفية

حوار خاص مع وكالة عربي اليوم حول زيارة الرئيس الأسد لسوتشي

باحث سياسي: الأسد في قاعة ضيوف الشرف الروسية…وتلقيم سلاحاً إقليمي بحضوره

رأى الباحث والمحلل السياسي صلاح النشواتي أنّه وبكل تأكيد هذه الزيارة لها من الأبعاد ما يكفي ليشغل المراقبين لوقت ليس بقليل، حيث تشير هذه الزيارة إلى أن موسكو ليست بمعزل عن حليفتها دمشق في اتخاذ أي قرار يحدد مصير الملف السوري أو يرسم شكل السلطة ومستقبلها.

وأضاف النشواتي في حوار خاص لوكالة “عربي اليوم” أنّ هذه الزيارة تشير أيضاً إلى أن القيادة الروسية في مفاوضاتها الإقليمية والدولية في الملف السوري تسعى إلى تمثيل مصالح السوريين جميعاً وليس فرض أي قرار أو تسوية عليهم، ولكن هذا ضمن إطار المعاني التقليدية لهذه الزيارة.

ولفت إلى أنّ المعاني المبطنة فهي أكبر من ذلك بكثير، فزيارة الرئيس الأسد إلى سوتشي قبل يوم واحد من قمة رئاسية ثلاثية تجمع بين (روحاني-اردوغان-بوتين)، لا تتعلق فقط بالملف السوري على الرغم من أهميته، بل أيضاً بالارتباطات الإقليمية والدولية لهذا الملف، وهو ما يمنح هذه الزيارة وزناً فائقاً وقيمة مضافة، حيث يمر الشرق الأوسط بأكمله بأزمة خانقة نتيجة تصعيد الرياض ضد إيران وحزب الله في كل ساحة من الساحات المعنيين بها، وصولاً للبيت الداخلي لحزب الله (لبنان) والذي يتشارك فيه كل اللبنانيين وليس فقط الحزب.

وأردف أنه ليس آخر هذه الاستهدافات هو قرار وزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية المجتمعين بناء على طلب سعودي، والذي صنف حزب الله على أنه منظمة إرهابية، وروسيا بدعوتها واستقبالها الرئيس الأسد ترسل رسالة مبطنة للرياض بأن موسكو ليست بمعزل عن السياسات الإقليمية، ومحاولة بناء تكتلات لا تخدم إلا الرياض وتل أبيب على حساب مصالح الجميع في المنطقة.

وتابع الباحث السياسي أنّ في هذا اللقاء الرئاسي تحذيراً حول ردود فعل قد لا تصب في صالح الرياض، فموسكو اليوم على استعداد تام للانحياز في حال شروع الرياض بأي سياسيات أو أعمال عدائية ضد منجزات المنطقة أو ضد القوى التي أثبتت فعاليتها في مكافحة الإرهاب، ما يعني أن حلفاً كاملاً يضم كلاً من (روسيا-إيران-سورية-تركيا-لبنان-وحتى قطر) سيصبح في مواجهة أي حلف تحاول الرياض تشكيله بنية عدائية في المنطقة، وستكسر تشكيلة هذا الحلف قواعد الصراع (السني-الشيعي) التي تحول السعودية تصديره في كل خطوة ونفس، ما يهدد مكانتها الإقليمية والدولية، لذلك نستطيع أن نقول أن تلبية الرئيس الأسد لدعوة بوتين في سوشي هي تلقيم لسلاح إقليمي ضد كل من يحاول اللعب بقواعد التوازن في الشرق الأوسط.

ورأى أنّ هذا الاختيار يدل على كثير من الدراسة والتعمق من قبل القيادة الروسية لمظهر هذا اللقاء والمراد لقادة دول العالم التي لها علاقات مع موسكو أن تفهمه، سواءً كانت علاقات عدائية أو صديقة، فالقيادة الروسية تثبت أنها نموذج ناجح ومختلف جذرياً عن النموذج الأمريكي في بناء التحالفات واحترام الخصوصيات الداخلية للدول الحليفة حتى في أكثر أوقاتها ضعفاً وتفككاً، على عكس نموذج التحالفات الأمريكية الذي لا يحمل إلا الإذعان والتعالي والإملاء، ولمدينة سوتشي رمزية دولية فهي تمثل قاعة ضيوف الشرف بالنسبة لروسيا، الضيوف أصحاب الوزن والسيادة، بالتالي دعوة الرئيس الأسد إلى قاعة ضيوف الشرف الروسية، تخدم الصورة التي تسعى موسكو لترسيخها في عقول الدول التي تتوجز خيفة من أي نشاط روسي، عسكرياً كان أم سياسي، وهو ما تحتاج موسكو إليه في سعيها نحو العظمة والمجد الدولي، التي لا يمكن بنائها دون جذب التحالفات والعلاقات الخارجية المميزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى