مقابلات صحفية

مشاركة في تقرير سبوتنك حول زيادة القوات الأمريكية في بولندا.

واشنطن تتحدى موسكو بنشر الطائرات في بولندا "الأطلسية"... فكيف سيكون الرد الروسي

اتفقت الولايات المتحدة وبولندا على نشر سرب من طائرات الاستطلاع الأمريكية من طراز MQ-9 على الأراضي البولندية، وهو ما تعتبره روسيا ضمن خطط الناتو التوسعية التي يجب الرد عليها.

وقع الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والبولندي أندرج دودا أمس الأربعاء بيانا مشتركا حول  التعاون في مجال الدفاع، والذي يتضمن نشر طائرات الاستطلاع الأمريكية من طراز MQ-9 على الأراضي البولندية.

وتعتبر القيادة الروسية أن هناك تهديدات من حلف الناتو وخاصة في القسم الشرقي من أوروبا، على مستوى الصواريخ وعلى مستوى القاذفات، وتسعى موسكو لمواجهة هذه التهديدات بالشكل الأمثل، حيث كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد في عام 2017 أن روسيا “ستعطي على كل هذه الإجراءات ردا مناسبا، وهذا سيعني، ليس شيئا أخر سوى، جولة أخرى من سباق التسلح. في نفس الوقت ، سيكون ردنا أرخص بكثير، فالأجهزة  قد تكون أكثر خشونة، لكنها ستكون فعالة، ونحن سنبقى على هذا ما يسمى بالتوازن الاستراتيجي.. هذا أمر مهما جدا”.

يذكر أن الصراع الجيوسياسي الإستراتيجي بين روسيا وحلف الأطلسي هو صراع تاريخي، اختلفت موازينه بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وسيطرة نظام القطب الواحد (وهو الأطلسي)، إلا أن روسيا عادت في السنوات العشر الأخيرة إلى مركز القوة مجددا كقطب عالمي لتواجه القوة الأطلسية وتعيد نظام التعددية القطبية العالمي.

وكانت روسيا كشفت العام الماضي عن الصاروخ “أفانغارد” الذي تفوق سرعته الصوت بعشرين ضعف، والذي لا يمتلكه أحد في العالم، والذي قال عنه الرئيس الروسي أن  هذه المنظومات أي الأسلحة الروسية الحديثة دخلت الخدمة بالفعل. وستضمن لنا التكافؤ بدون شك. يجب أن نفكر في ذلك وأن نجد أشكالا حديثة تتفاعل مع متطلبات الحاضر. لقد حان الوقت للجلوس إلى طاولة المفاوضات “ليس فقط للتفكير، ولكن أيضاً لوضع مخططات حديثة للأمن الأوروبي الدولي”.

وحول نشر الطائرات الأمريكية في بولندا، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، اليوم الخميس أن موسكو قلقة من قرار وارسو وواشنطن نشر سرب من طائرات مسيرة في بولندا، الأمر الذي سيزيد التوتر في أوروبا.

وقال ريابكوف: “من دون شك يقلقنا. وهذا يعكس المسار نحو تأزيم التوتر العسكري في اوروبا، خاصة ما يعرف بـ”الجانب الشرقي” للناتو. وتحت ذرائع كاذبة تنفذ برامج تؤدي الى عدم الاستقرار والتصعيد”.

وأضاف ريابكوف، قائلا: “عواصم دول الناتو تسعى لإعادة صياغة الجغرافيا السياسية في المنطقة، مما يخلق ظروفا غير مريحة للتنمية النسبة لنا”.

من جهته صرح عضو لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، فرانتس كلينتسيفيتش، بأن روسيا ستتخذ إجراءات جوابية ردا على قرار الولايات المتحدة الخاص بنشر طائرات دون طيار في بولندا.

وكتب كلينتسيفيتش رئيس لجنة شؤون الدفاع بمجلس الدفاع الروسي في صفحته في شبكة الفيسبوك للتواصل الاجتماعي: من شأن هذا القرار أنه يزيد من تفاقم الوضع في القارة الأوروبية فقط دون أن يغير شيئا في ميزان القوى. وبطبيعة الحال، سنقوم باتخاذ جميع الإجراءات الجوابية اللازمة.

وعلق العالم السياسي الروسي سيرغي سوداكوف في مقابلة مع وكالة “سبوتنيك” على خطط واشنطن.

وقال سوداكوف لوكالة “سبوتنيك”: “الولايات المتحدة تحاول ضغط حلقة العدوان حول روسيا خطوة خطوة. وتعتبر بولندا حاليا نقطة إنطلاق لأمريكا، تريد الولايات المتحدة أن تحولها إلى مركز ثان للقوة في أوروبا، الولايات المتحدة غير راضية عن وجود مركز قوة واحد- ألمانيا، وتريد إنشاء “قبضة حديدية” حول بولندا، تكون رمزا للمواجهة العسكرية أو “السقف الكبير” العسكري لدول أوروبا الصغيرة. وافقت بولندا على هذا وهي مستعدة لدفع المال لصنع “فورد ترامب”، الذي سيظهر على أراضيها.

وأضاف الخبير: “يدرك البولنديون أن الطائرات بدون طيار ليست أسلحة دفاعية، بل أسلحة هجومية. كل هذا يدل على أن بولندا مستعدة للسير وفق السيناريو الأمريكي، وعلى استعداد للقيام بأعمال عدوانية. قد تكون استفزازات تهدف إلى تقويض حسن الجوار لبولندا”.

وتوقع مدير مركز الدراسات والأبحاث الانتروستراتيجية الخبير صلاح النشواتي في تعليق خص به وكالة “سبوتنيك” أن موسكو سترد على الخطوة البولندية الأمريكية عن طريق عدة إجراءات، أهمها الإجراءات الدبلوماسية بالعمل مع برلين وبروكسل لكبح جماح بولندا وحزب العدالة والقانون البولندي، بالإضافة إلى زيادة عدد وعديد القوات الخاصة الاحترافية في كالينينغراد (الواقعة في الجهة الغربية من روسيا) بصيغة دفاعية وليست هجومية كي لا تغذي خطاب الكراهية التي تتبناه وارسو اليوم.

وقال النشواتي:”عملية نشر القوات الأمريكية الجديدة في بولندا وتعزيز وجود الناتو هو أمر ناتج عن استئثار حزب العدالة والقانون البولندي بالسلطة، أي أن مصدره سياسية خاصة للحزب الحاكم، يقوم من خلالها باستغلال الأمن القومي و العامل الديني في وجه روسيا والشعب الروسي، لضمان البقاء متصدراً في وجه “الائتلاف الأوروبي” البولندي كأقوى منافس سياسي له، حيث يعمل الحزب على إثارة جو من الرعب في الأوساط البولندية، وإعادة صياغة المشاعر القومية البولندية، بتأثيره على الرأي العام البولندي من خلال الخطاب المعادي لروسيا بلا مسوغات معقولة، منها طلب زيادة القوات الأمريكية وإنشاء قاعدة عسكرية من قبل الرئيس البولندي إنجيه دودا، ومن جيب الشعب البولندي، على حساب توتير المنطقة”.

ومن هنا اعتبر الخبير الاستراتيجي أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها واشنطن والناتو تقرأ من منظور الاستثمار بالسباق السياسي الداخلي البولندي والذي بدأ يأخذ أبعاداً أمنية خارجية على حساب أمن القارة الأوروبية، والعيش المشترك.

وأضاف “بالتالي إنشاء القاعدة الأمريكية التي أعلنت بولندا أنها على استعداد أن تدفع مقابلها 2 مليار دولار في العام الماضي، يتم قراءتها في سياق سعي حزب العدالة والقانون إلى تصدير أزمته في المنافسة السياسية الداخلية مع “الائتلاف الأوربي” للخارج، حيث يعتمد على اتجاهين أساسيين لتحقيق التوازن الداخلي:

الأول: رفض اليورو والتكامل الأوروبي، التعامل مع واشنطن لتعطيل إعادة إحياء رباعية فيشيغرادسكي للجيش الأوروبي الموحد، كمطلب أمريكي أساسي لضمان تبعية الاتحاد الأوروبي للناتو.

الثاني: رفع مشاعر العداء لروسيا في سياق ضمان التوازن في الداخل البولندي، خوفاً من أن تسفر السياسات المتحفظة تجاه الاتحاد الأوروبي بقيادة تلقائية للرأي العام البولندي نحو روسيا والثقافة الروسية”.

لذلك على موسكو تفكيك المشهد بعناية فائقة كمن يتعامل مع لغم شديد الانفجار، خوفاً من أن تضغط على الصاعق عن طريق الخطأ.

وأكد الخبير العسكري العميد عمر معربوني في تعليقه لوكالة “سبوتنيك” حول الموضوع أن “نشر أمريكا لسرب من طائرات MQ-9 هو تحدٍ إضافي لروسيا ورفع لمنسوب التوتر بين البلدين، وباعتقادي أن نشر هذا النوع من الطائرات المسّيرة ذات التقنية العالية والمدى الذي يصل إلى 3000 كلم سيمكّن أميركا من مراقبة مناطق واسعة في بحر البلطيق وبالتالي سيضع حركة أسطول الشمال الروسي تحت نظر منظومات المراقبة الأميركية إضافة إلى تمكن هذه الطائرات من مراقبة حركة القوات الروسية في بيلوروسيا وروسيا خصوصاً مواقع الصواريخ وحركة الطيران وغيرها”.

وأضاف معربوني: “إن نشر هذه الطائرات يمكن اعتباره أحد أشكال الضغط على روسيا في مجالها الحيوي المباشر، وبرأيي إن روسيا التي اكتفت حالياً بإبداء القلق لن تقف مكتوفة الأيدي حيال التدابير الأمريكية وستتجه إلى اتخاذ تدابير وإجراءات تحد من فاعلية هذه الطائرات وأية قوات أمريكية يمكن نشرها في بولندا الآن وفي المستقبل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى