المقالات

العقيدة النووية الأمريكية الجديدة وأبعادها في العلاقات الدولية

صلاح النشواتي: تقدير موقف لمركز الدراسات الأنتروستراتيجية.

تعتبر العقيدة النووية جزءاً أساسياً من الاستراتيجية التي تعلنها الإدارة الأمريكية، وتعمل هذه الاستراتيجية على فترة زمنية تمتد من 8 إلى 10 سنوات، حيث أعلنت واشنطن استراتيجيتها الجديدة في مطلع هذا العام، لتركز على مواجهة الدول الكبرى التي تسعى إلى منافسة أمريكا وإنهاء الأحادية القطبية من جهة، وتضع في أولوية مواجهاتها الدول التي تصنفها واشنطن “بالدول المارقة” كأيران وكوريا الشمالية من جهة اخرى، وبالرغم من منسوب العدائية المرتفع في الطرح الامريكي، إلا أن الاستراتيجية الجديدة قد شطبت مايعتبر أخطر البنود التي تهدد السلم الدولي وتعزز حالة اللايقين، وهو بند الضربة الاستباقية، الذي يعطي الخيار للإدارة الأمريكية بتوجيه ضربة إستباقية مبكرة -قبل حتى نشوء أي مواجهة- ضد أي كيان أو دولة تعتبرها تشكل خطراً على الأمن القومي الأمريكي أو المصالح الأمريكية في أي منطقة من مناطق العالم، وقد تشمل هذه الضربات استخدام أسلحة الدمار الشامل، ذلك بالتزامن مع إعلان العقيدة النووية الجديدة القائمة على تحديث الترسانة النووية الأمريكية، وإنشاء جيل جديد من القنابل النووية التكتيكية محدودة التأثير، والمحمولة بحراً وجواً، ما أثار حالة من الهلع في الأوساط الدولية، وجيّش الانتقادات من العواصم الكبرى، وهنا يبدو جلياً أن واشنطن بعقديتها النووية الجديدة الممتدة لثلاثين عاماً، تهدف إلى إدخال القوى الكبرى في سباق تسلح غير مدروس، تكون هي بعيدة عنه من خلال التصعيد والتهدئة على هيئة موجية (من الموجة) كحال تأكيدها على الألتزام باتفاقية ستارت3 مع روسيا للحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية عقب الإعلان الاستفزازي للعقيدة النووية، وبعيدة عن أي مواجهة مباشرة بعد شطب بند الضربات الاستباقية، مايعني أن واشنطن تهدف إلى خلخلة البنى الاقتصادية للدول المستهدفة في استراتيجيتها، من خلال دفعها إلى زيادة الإنفاق العسكري بشكل كبير أقرب مايكون إلى حالة رفع التأهب والجهوزية، في حين تشرع إلى محاربتها اقتصادياً وتجفيف منابعها المالية، وليست العقوبات على لائحة الكرملين الجديدة آخرها، وهو مايقود إلى استنتاج صبغة النهج العدائي الأمريكي المستحدث، والذي يعتمد على توجيه ضربات اقتصادية عميقة تسبب اضطراباً بنيوياً في اقتصاديات الدول المعادية، واستهداف التكتلات الاقتصادية الأقليمية، بحيث تبقى واشنطن بمستواها الاقتصادي الحالي من كبرى اقتصاديات العالم، بعد تقويض اقتصاد كل من الصين وروسيا، وإدخال كوريا الشمالية بحالة خنق مالي واقتصادي تام، ودفع إيران إلى ذات المسار بمحاولات إفشال الاتفاق النووي الإيراني على مدى السنوات القادمة، ودفعها إلى إنفاق معظم ناتجها القومي على السلاح الذي لن يستخدم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى