مشاركة في تقرير وكالة سبوتنك حول التوتر الهندي-الباكستاني.
بعد المعركة الجوية وإسقاط الطائرات... خبراء يستبعدون اندلاع حرب هندية باكستانية.
تصاعدت حدة التوتر بين الهند وباكستان في الأيام الأخيرة، ووصل اليوم إلى معركة جوية بين الطرفين تم فيها إسقاط مقاتلات حربية من كلا البلدين.
وبعد أن أعلنت الهند أنها شنت غارات على مواقع لمسلحين في الأراضي الباكستانية، وصفت باكستان السلوك الهندي بـ”العدواني”، وتوعدت بالرد في الوقت والمكان الذي تختاره، ولم تمر ساعات حتى أعلنت باكستان إسقاط مقاتلتين هنديتين في كشمير وأسر طيار، ومع ذلك دعا رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الهند إلى الحوار لمعالجة التوتر بين البلدين.
بدورها أكدت وزيرة الخارجية الهندية شوشما سواراج خلال زيارة إلى الصين اليوم أن بلادها لا تريد “مزيدا من التصعيد” مع باكستان بعد الغارات الجوية التي شنتها مقاتلات هندية في الأراضي الباكستانية.
وقتل في الاشتباك الجوي طياران اثنان، ومدني، اليوم الأربعاء، بعد تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الهندية، في منطقة كشمير المتنازع عليها، وسط تصاعد للتوترات مع باكستان المجاورة.
وذكرت وكالة “رويترز“، أن 3 مقاتلات باكستانية على الأقل اخترقت الأجواء في الشطر الهندي من إقليم كشمير، قبل أن تعترضها مقاتلات هندية وتجبرها على العودة.
بدورها، أفادت وسائل إعلام هندية، بسقوط مقاتلتين هنديتين خلال اعتراض مقاتلات باكستانية بإقليم كشمير، مؤكدة أن “السلطات الهندية أغلقت مطار سرينجار في كشمير لمدة 3 ساعات بعد حادث تحطم المقاتلة”.
وقال مسؤول هندي، إن “طائرات تابعة للقوات الجوية الهندية اعترضت ما لا يقل عن ثلاث طائرات حربية باكستانية بعد دخولها الجانب الهندي من منطقة كشمير، وأجبرتها على العودة”. وأضاف أن الطائرات الباكستانية تسللت إلى قطاع بيمبر جالي — نوشيرا عند خط المراقبة، وهو خط وقف إطلاق النار الذي يعتبر الحدود الفعلية في منطقة كشمير المتنازع عليها.
واعتبر الباحث في الشؤون الجيوسياسية صلاح النشواتي في جوابه على سؤال وكالة “سبوتنيك” في هذا الصدد أن “هذا التصعيد الخطير الذي شهدناه بين الدولتين يتعلق بالدرجة الأولى بنشاط بعض المجموعات الجهادية التي تنطلق من الأراضي الباكستانية نحو دول الجوار، والاتهامات المتبادلة، ففي حين أن نشاط هذه المجموعات هو نشاط هجومي محدود وبدون هدف واضح، إلا أنه نشاط مدروس ليشكل صاعق لمواجهة بين باكستان ودول الجوار، وبالأخص الهند، حيث التوترات والنزاعات الدائمة والضاربة في تاريخ العلاقات الثنائية”.
ورأى النشواتي أن “هذا الصراع يدار بشكل غير مباشر من قبل الاستخبارات الأمريكية، التي تهدف إلى رفع درجة التوتر بين الهند وباكستان إلى الحالة الحرجة، مع الحرص على عدم وقوع حرب شاملة، وذلك في إطار قطع الطريق أمام الصين في استثمار باكستان بميزاتها الجيوسياسية لخدمة المشاريع التنموية الاستراتيجية كطريق الحرير الجديد، بالمزامنة مع إطلاق سباق الشد والجذب على باكستان بين الإخوان المسلمين في تركيا وقطر من جهة، وبين باقي دول الخليج من جهة ثانية”.
وأضاف النشواتي “كل هذه الإجراءات تشكل عوامل ضغط كبيرة على الحكومة الباكستانية، وترفع من كلف الاستثمار الاستراتيجي في المنطقة، بحيث تسعى واشنطن وحلفائها إلى إفقاد المشاريع التنموية الصينية لجدواها الاقتصادية، عن طريق رفع المخاطر وكلف التنفيذ، ومحاولة تخفيض نسب النمو الاقتصادي في الصين من خلال التفاهمات الموضعة بين الطرفين تحت ضغط الحرب التجارية، ما يكسب الولايات المتحدة الأمريكية المزيد من الوقت لتمكين السيطرة على المحيط الهندي، وفرض النفوذ في بحر الصين الجنوبي، بغية تحقيق استراتيجيتها الدولية..
وبرأي الكاتب النشواتي أن “الموقف السعودي فهو موقف داعم لمكافحة كل أشكال الإسلام السياسي والتنظيمات الجهادية، في حين يستمر الاستمثار الأمريكي التركي في تنظيم القاعدة وملحقاته، في ظل انزعاج واشنطن من تقارب الرياض وبعض الدول الحليفة الأخرى من الصين، فالرياض تدعم بشكل كبير استقرار باكستان والصين وتسعى لعقد شراكة متينة مع الدولتين، وتتعهد بالمقابل بالوساطة لحل النزاعات الباكستانية- الهندية والتي يلعب فيها تنظيم “جيش محمد” الدور الرئيسي، وذلك في مسعى سعودي لقطع الطريق أمام إيران وتركيا وقطر في باكستان، وإبعادهم عن المشاريع الاستراتيجية المربحة والمؤثرة في موازين القوى، وهو ما يشكل أحد عوامل الضغط على الساحة الباكستانية”.
أما الكاتب المصري محمد سيد أحمد قال لوكالة “سبوتنيك” اليوم “أعتقد أن هناك صعوبة للحرب الفعلية بين دولتين نوويتين… لكنها مناوشات بين الطرفين… وسوف تتدخل القوى الدولية لوقفها… لأن مثل هذه الحرب يمكن أن تتطور وتوصلنا إلى حرب عالمية… تؤدي إلى تدمير كوكب الأرض”.
وقال الكاتب والباحث السوري مهران نزار غطروف لوكالة “سبوتنيك” في هذا الصدد “الهند وباكستان جارتان ودول صديقة، ولا ينبغي مهما كانت الأسباب أن تصل المرحلة لحد التصعيد العسكري الجوي، أو أي شكل آخر من التصعيد بين البلدين. كما نأسف لسقوط مقاتلات وعسكريين من الجانبين، على إثر هذا التصعيد المفاجئ والخطير. وجلّ ما نرجوه أن يكون اللجوء للعقل والحل السلمي هو الفيصل بين البلدين. كما نأمل أن لا يتدخل أحد على الخط سلبا، فمثل هكذا صراعات أو تصعيد هناك دائما من يحاول أن يستثمر فيها ويزكي نيرانها، خاصة وأن المنطقة لا تحتمل أيها صراعات جديدة “.
وقال الجيش الهندي، في وقت سابق، إن 5 جنود أُصيبوا بإطلاق نار في منطقة جامو وكشمير الحدودية، مشيرا إلى أن إطلاق النار كان من داخل الأراضي الباكستانية.
ونقلت قناة “إن دي تي في” الهندية عن مصادر عسكرية أن جنودا باكستانيين أطلقوا النار، مساء أمس الثلاثاء، باستخدام أسلحة نارية وقذائف هاون، مشيرة إلى أن إطلاق النار يتكرر بين الفينة والأخرى. وأكدت نفس المصادر أن القوات الهندية بدورها ردت على مصادر إطلاق النار واستهدفت 5 نقاط حدودية للجيش الباكستاني.
وقد بدأت الأوضاع تتوتر عند الحدود الباكستانية الهندية بعد استهداف سلاح الجوي الهندي لمعسكر تابع لمسلحي تنظيم “جيش محمد” داخل القسم الباكستاني من منطقة جامو وكشمير. وقد اعترف هذا التنظيم بمسؤوليته عن الهجوم على حافلة كانت تقل أفرادا من الجيش الهندي داخل القسم الهندي من جامو وكشمير، وأسفر ذلك الهجوم عن مقتل أكثر من 40 عسكريا.
وبحسب وسائل إعلام هندية، فإن 12 طائرة هندية من طراز “ميراج-2000” شنت غارات على معسكر “جيش محمد”، وأن نحو 300 مسلح تابعين لهذا التنظيم لقوا مصرعهم.