مقابلات صحفية

الوسائل والأدوات الأمريكية الجديدة لتطبيق أجندتها في سورية في لقاء مع وكالة سبوتك

خبير: إستخدام "النصرة" للكيميائي في حلب كمين من العيار الثقيل لكل من سوريا وروسيا

تحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في روما الأول من أمس أن الولايات المتحدة تبتدع وسائل جديدة في الحرب ضد سوريا وتخطط لإعادة طرح إسقاط” النظام السوري”.

بالإضافة إلى الكثير من الإجراءات التي شهدناها مؤخراً ضد سوريا وحلفائها من قبل واشنطن والتي تؤكد أن البيت الأبيض يعيد تنشيط نواياه الخبيثة ضد سوريا، وضد الدولة السورية متعديا ذلك إلى الحلفاء فما هي الوسائل والمسارات الأمريكية الجديدة ضد سوريا وحلفائها وتحديداً الروسي…!!!.

في هذا السياق كيف يمكن توصيف متبدلات وتطورات الحرب الراهنة على سوريا؟

إستخدام جبهة “النصرة” الإرهابية المحظورة في روسيا للكيميائي في حلب هل هو كمين للولايات المتحدة يد فيه، لدفع سوريا وحلفائها  لطلب لجنة حظر الأسلحة الكيميائية بعد تعديل صلاحياتها؟

هل فعلاً تسعى واشنطن إلى إسقاط الحكومة السورية من جديد؟ وماهي الوسائل والأدوات التي تم الحديث عنها مؤخراً؟

ماهو تصريح المبعوث الأمريكي الخاص بالملف السوري جيمس جيفري حول تغيير “النظام” وبقاء الرئيس الأسد؟

كيف يمكن الإستدلال على النوايا الأمريكية الخفية وما تخطط له في سوريا؟

هل تحول الملف السوري من ملف مؤثر بالملفات الأقليمية والدولية إلى ملف متأثر فقط وماهي منعكسات هذا التحول إن وجد ؟

في هذا السياق حول توصيف الحرب الراهنة في سوريا يقول ضيف برنامج “ما وراء الحدث” على أثير راديو “سبوتنيك” الباحث في الاستراتيجيات الدولية صلاح النشواتي:

“يمكن وصف المرحلة الراهنة بما تحدثنا عنه سابقاً وهي مرحلة استقرار القلق الذي سعت إليه الولايات المتحدة الأمريكية منذ إنقلاب تركيا بسبب إحتكارها مشروع الربيع العربي لصالح أجندات تركية خاصة وهو بالتحديد في عام 2013، حيث شكلت سوريا أحد الملفات العالقة والمعرقلة للإستراتيجية الأمريكية السابقة والذي بدوره أدى إلى تخطيط أمريكي بالتدخل المباشر وتطبيق مبدء مناطق النفوذ وصولاً إلى حالة الإستقرار القلق التي تشكل توصيفاً للمشهد الراهن في الحرب السورية، وهي تلك الحالة التي لايمكن الإنطلاق من خلالها نحو السلام والأمن الدائم، ولا حتى نحو حرب شاملة تنهي المشهد بالخيار العسكري، وكل ذلك خدمة للأجندة الأمريكية في سوريا القائمة على الإستئصال الجيوسياسي، والتي تشكل أحد أهم الأجندات في الإستراتيجية الأمريكية الجديدة لمواجهة كل من روسيا وإيران، وتقوم فكرة الإستئصال الجيوسياسي بقضم المناطق الجغرافية التي تعطي لسوريا أهمية جيوسياسية وإخضاعها لنفوذ أجنبي، وفيما بعد محاولة ترسيخ هذا النفوذ بقوة محلية شبه مستقلة مدعومة أمريكياً، مايدعم عزل الدور السوري في محور المقاومة، والذي يتمثل بدور الوصل الجغرافي بين مكونات المحور، إضافة إلى تطويق روسيا ضمن سوريا وتحويلها إلى مصيدة لموسكو بدلاً من قاعدة إرتكاز، وحالياً تستعمل الولايات المتحدة الأمريكية نوعين من الوسائل لتطبيق هذه الأجندة الخطيرة”.

النوع الأول وسائل عسكرية:

” يمارس الجيش الأمريكي عملية إحتلال بكل ما للكلمة من معنى بتواجده غير الشرعي في شرق الفرات، والذي ينطلق منه لتثبيت وجوده ونفوذه، بالإضافة إلى التعاون مع تركيا في ما يتعلق بإدلب، والتي تستمر واشنطن في إستثمار جبهة “النصرة” عن طريق الإستخبارات الأميركية المركزية. ذلك من خلال دعمها وردع أي محاولات للجيش السوري وحلفائه من إطلاق معركة إدلب من خلال التذرع بإستخدام الجيش السوري للسلاح الكيميائي والتصعيد العسكري ضده، وهو ما يعني رفع عتبة المواجهة إلى حد الخطورة بعد تسلم الجيش السوري لمنظومات صواريخ “إس-300” والتي ستكون الهدف الأساسي في أي حديث عن ضربة أمريكية، والتي أيضاً تشكل هدفاً مشتركاً مع العدو الإسرائيلي، الذي يسعى لتدمير هذه المنظومة التي أعاقت غاراته على سوريا، والتي كانت بشكل شبه دوري مجرد فكرة إستهداف هذه المنظومة بعمليات مشتركة تعني أن الصناعات الروسية وسمعتها في خطر كبير، الذي بدوره يشكل دافعاً روسياً لمنع مثل هكذا اعتداء تحت تهديد الحرب الحقيقية والرد المباشر. سلسلة الردود هذه التي رسمتها واشنطن مسبقاً تحول دون إطلاق عملية عسكرية في إدلب، إضافة إلى الضرر الذي من الممكن أن يصيب العلاقة التركية الروسية، والذي بدوره ينهي مسار أستانا. من جهة أخرى تعمل واشنطن على تحويل الدور الإيراني في سوريا من دور قائم على طرف في الحل إلى جزء من المشكلة في سوريا، كنوع من مواجهة نفوذ إيران في الشرق الأوسط، وكأحد الذرائع للإستمرار في مشاريعها وأجنداتها في المنطقة”.

أما النوع الثاني من الوسائل فهي الوسائل غير العسكرية والتي تنقسم إلى ثلاث مسارات:

الأول: المسار الأممي:

“قامت واشنطن بتعديل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لتصبح هذه المنظمة معنية بتحديد المسؤول عن إستخدام هذا السلاح بعد أن كان دورها يتعلق بالشأن التقني والعلمي فقط، وهي بذلك تحول هذه المنظمة إلى سلاح يمكن من خلالها الضغط على كل من سوريا وروسيا وربط الملفات الكيميائية ببعضها البعض من بريطانيا إلى سوريا، لإتهام روسيا بتزويد الدول لهذا السلاح وإستخدامه. ما يفتح باباً واسعاً لأمريكا لفرض عقوبات جديد ونقل التصعيد ضد روسيا إلى مستوى جديد أخطر من سابقه، وما شهدناه أمس من إعتداء غاشم بالسلاح الكيميائي من قبل جبهة النصرة على أهالي حلب هو في هذا السياق، بحيث أنه كمين لسوريا وروسيا، لتقوم سوريا وروسيا بطلب لجنة من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وتستعين بهذه المنظمة بعد تعديلها كنوع من إعتراف صريح بشرعية مهامها الجديدة والتي ستستخدم لاحقاً ضد كل من دمشق وموسكو.”

الثاني: المسار الاقتصادي:

“تعمل الولايات المتحدة الأمريكية حالياً بشكل جدي لعزل الاقتصاد السوري بشكل كامل وقطع إمداداته وإنهاء أي محاولة للحكومة السورية بالبدء بإعادة الإعمار أو التعافي من آثار الحرب، وليس فرض العقوبات على الشركات والأشخاص التي تنقل النفط الإيراني إلى سوريا بآخر هذه الإجراءات. يتزامن ذلك مع طرح مشروع أمريكي باقتصاد لامركزي في سوريا لايرتبط في الحكومة السورية، وذلك من خلال السعي إلى دمج الشمال الشرقي بالشمال الغربي كمنطقة إقتصادية جديدة، والبدء بتمويلها وإعمارها والنهوض بها، وربطها بالإقتصاد الغربي كجسم إقتصادي جديد لا علاقة له بالاقتصاد الحكومي، مقابل إبقاء المناطق التي تخضع لسيطرة الدولة في سوريا تحت الحصار والتهديد المستمر”.

الثالث: وهو المسار السياسي:

“تضغط الولايات المتحدة الأمريكية لتحصل على أكبر عدد ممكن من أعضاء اللجنة المعنية بطرح دستور جديد، وذلك من خلال طرح دي ميستورا لثلاث مجموعات كل مجموعة تتألف من 50 شخصاً، الأولى للحكومة والثانية للمعارضات والثالثة والتي يتم اللعب عليها للمجتمع المدني والنشطاء المدنيين والتي يرفض دي ميستورا أن يكون لدمشق دور في تحديدهم، وذلك لسبب بسيط أن واشنطن تسعى إلى تشكيل دستور، يغير النظام السياسي الحالي مقابل بقاء الشخصيات ذاتها، وإعادة تركيب أجزاء سوريا تحت عنوان سوريا موحدة، ولكن في الظاهر فقط،. بينما ستتحول إلى أقاليم جغرافية متصلة ذات صلاحيات منفصلة أكتر منها دولة موحدة. والذي يخدم بدوره ترسيخ النفوذ الأمريكي وعملية الاستئصال الجيوسياسي الذي تحدثنا عنه سابقاً،. ومن ثم إستغلال الأعداد الهائلة من اللاجئين للتوصيت ضد الحكومة السوريا، والبدء بتمويل أحزاب جديدة فيما بعد لفرض السيطرة على القرار السوري، بإلتفاف خبيث على موضوع إسقاط الدولة السورية أو مواجهة روسيا بشكل مباشر. وتقوم واشنطن حالياً بالضغط على تشكيل اللجنة الدستورية بذات الوسائل السابقة التي ذكرناها وتحت تهديد سحب الأمم المتحدة يدها من الملف السوري وتحويل سوريا إلى مشكلة روسية خاصة، والذي تقصد به الإدارة الأمريكية إبقاء الوضع في سوريا كجرح مفتوح، وساحة مواجهة مع روسيا.”

وحول أهداف المساعي الأمريكية وحقيقة هدف إسقاطها للحكومة السوريا يقول الباحث في الإستراتيجيات الدولية صلاح النشواتي:

“هذه المساعي الأمريكية في سوريا تدعمها مساعي أقليمية أخرى منفصلة منها ما هو مباشر ومنها ما هو غير مباشر، كالمشروع الإسرائيلي بمد سكك حديدية من الخليج إلى البحر المتوسط، بالإضافة إلى خط السكك الحديدية شمال-جنوب من آسيا الوسطة إلى إيران وأذربيجان وروسيا وصولاً إلى أوروبا، وخط الحرير الصيني البري الذي يمر من تركيا متجاهلاً سوريا، بالتالي إفقاد سوريا أهميتها الجيوسياسية بالكامل كنقطة وصل بين القارات الثلاث، وترشيحها لتكون ساحة مواجهة دائمة وتصفية حسابات بين القوى الأقليمية والكبرى”.

أما من ناحية الإستدلال على النوايا الأمريكية الخفية وما تخطط له في سوريا والعوائق التي يمكن أن تصطدم بها ومدى تحول الملف السوري من مؤثر بالملفات الإقليمية والدولية  إلى متأثر يقول النشواتي:

“هذه الخطط الأمريكية هي قيد التنفيذ ومنها مانفذ فعلياً، ولكن أيضاً هناك عقبات كبيرة أمام الإدارة الأمريكية عليها تخطيها، فمسألة الوجود الأمريكي بحاضنة كردية هي مسألة تهدد الأمن القومي التركي لصالح الدعم السعودي لهذه الحاضنة، والإنسحاب الأمريكي من المنطقة يعني تعريض المشروع بالكامل للفشل إضافة إلى الإحتمالية الكبيرة لجنوح الأكراد لدمشق كمحاولة للتصدي للهجوم التركي شرق الفرات، بالتالي واشنطن عالقة في المنتصف كطرف في هذه المواجهة، وهذا مالم تعتد عليه الإدارة الأمريكية، وتسعى للخروج من المواجهة إلى دورها المعتاد بإدارة الصراع، لذلك كان الخيار هو قوات عربية تحل محل القوات الأمريكية، وبالتالي هذا الحل يصطدم بالكثير من العوائق وأهمها:

 الخلاف التركي السعودي الذي يخلق فجوة إستراتيجية لروسيا للعب على تناقض المصالح الأمريكية مع كلا الطرفين الحليفين لها، ومحاولة جذب أحدهما في حال مالت الكفة الأمريكية لمصالح الآخر، ما يستدعي من واشنطن إنهاء الصراع السعودي التركي، والذي فشلت في محاولة إنهائه الأولى من خلال فشل الإنقلاب التركي، وفشلت في محاولتها الثانية من خلال الإنقلاب على محمد بن سلمان بقضية الخاشقجي، الذي كان من المفترض أن يخطف تحت علم كل من واشنطن وأنقرة على شاكلة ماجرى للحريري ويتم تحريره بضغط دولي وإطلاق معارضة سعودية داخلية للإطاحة بولي العهد. إلا أن مقتل الخاشقجي كان غير متوقعاً على الإطلاق، وتوجه ولي العهد إلى كوشنير والنبك الإحتياطي الفيدرالي لحمايته، قوض من إمكانية ترامب إسقاطه بالضربة القاضة. مايعني مشروع الناتو العربي الذي يضم قطر والذي كان مرشحاً لأن يحل محل القوات الأمريكية في سوريا بالشراكة مع تركيا لايزال متعذراً في الفترة الراهنة، لذلك يمكننا القول أن الملف السوري فقد تأثيره بالملفات الأقليمية والدولية وأصبح ملفاً متأثراً بالمجريات الدولية، مايتطلب الكثير من الجهود الإبداعية واللانمطية للتصدي للوسائل الأمريكية الجديدة والأجندة الأمريكية في سوريا والشرق الأوسط”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى