تقدير موقف حول التهديد بتوجيه ضربات أمريكية ضد دمشق
التهديدات الأمريكية لضرب سورية مقدمة لاجتياح الجنوب
مما لا شك فيه أن مسرحيات الضربات الكيميائية التي تفتعلها الفصائل المسلحة هي عمليات منسقة بشكل كامل مع العدو الأمريكي، تستخدم كلما أرادت واشنطن وحلفائها ذريعة صلبة لتحقيق هدف عسكري أو سياسي داخل سورية، أو لمنع الحكومة السورية وحلفائها من تحقيق أهداف مهمة على مستوى مسار الحرب الدائرة في الميدان السوري.
في الوقت الراهن يعاد إنتاج هذه الذرائع من جديد وبلباس عملية تحرير الغوطة الشرقية لدمشق من التنظيمات المسلحة، ليتصدر قائمة التصريحات التهديدات الأمريكية والفرنسية كل على حدا، بتوجيه ضربة عسكرية ضد دمشق في حال استخدام السلاح الكيميائي على حد زعمهم، بمقابل تصريح روسي بالرد المباشر من قبل موسكو على أي عدوان يستهدف دمشق، والشروع بتعزيز الدفاعات الجوية للعاصمة السورية.
وفي حقيقة الأمر لاقيمة مضافة من غارات بصواريخ التوماهوك والكروز على دمشق، فتلك الغارات في حال وقعت لن تكون كافية لإحداث تغيير في مجرى المعركة الدائرة في الغوطة الشرقية، والتي اختلطت فيها الجبهات إلى حد أصبح الفاصل المكاني بين الجبهتين تقدر بمسافة أمتار قليلة فقط، أصغر بكثر من نسبة خطأ الصواريخ الأمريكية المجنحة، مايعني أن التحضيرات الأمريكية هي لمكان آخر تماماً تحدث فيه هذه الضربات أثراً استراتيجياً في حال وقعت، لإن واشنطن لن تخاطر بكل تأكيد بصدام محتمل مع روسيا بدون فائدة تذكر.
مايرشح الجنوب السوري لهذه العمليات الخطيرة، خاصة مع إسقاط تفهمات مناطق خفض التصعيد تباعاً وليس آخرها الغوطة والتي من المفترض أن يليها الجنوب، الذي يتواجد به كل من إيران وحزب الله بزخم أكبر، وهو مايرشح أيضاً اتفاق هامبورغ الأمريكي الروسي 07/07/2017 لخفض التصعيد في الجنوب السوري أيضاً للأنهيار، مايعني خطراً محدقاً بالأمن القومي للاحتلال الإسرائيلي، وهنا تتقاطع كل العمليات والمناورات الاخيرة والسيناريوهات المشتركة التي تدربت عليها كل من واشنطن وتل أبيب، من مناورات “كوبرا” في صد هجوم صاروخي على ثلاث جبهات، إلى المناورات الإسرائيلية الأخيرة والتي تحاكي سيناريو تدخل روسي في صالح محور المقاومة هذا من جهة، ومن جهة أخرى حوض اليرموك الذي يقع تحت سيطرة داعش في أقصى الجنوب وسد الوحدة (المقارن) على النهر، كأطماع إسرائيلي قديمة ومستحدثة، بوصف الأمن المائي بالنسبة للاحتلال أهم مكونات الامن القومي والعقائدي الإسرائيلي، مايعني في النتيجة أن الاستهداف المقبل هي للقواعد التي تحوي تواجداً لحلفاء سورية، ولكن بيد أمريكية وبصواريخ مجنحة تنطلق من البحر الأحمر والخليج العربي وشرق المتوسط ، وليست بالطيران الإسرائيلي كما هو المعتاد (بسبب حادث إسقاط الطائرة الاخير)، بينما تتدخل إسرائيل تحت ذريعة محاربة داعش لتحتل حوض اليرموك أو لتفجر السد على أقل تقدير، وتنسب التهمة لداعش كما مهد الإعلام الغربي سابقاً لكل من سد الموصل وسد الفرات في عمليات التحالف في هاتين المدينتين.
أي أننا نتحدث عن عملية أمريكية إسرائيلية محدودة تهدف إلى إنقاذ الجنوب واتفاق هامبورغ تحت وطأة تحقيق غاية استراتيجية في حوض اليرموك، في حين تشغل واشنطن المحيط الأقليمي والدولي بإن الاستهداف هو للعاصمة السورية، خاصة أن حمولات الأسلحة الكيميائية وصلت إلى الفصائل الموجودة في الجنوب السوري تحت غطاء مساعدات إنسانية كما أورد سيرغي رودسكوي رئيس غرفة العمليات في الأركان العسكرية الروسية.