حوار خاص لمركز أوراسيا للدراسات الاستراتيجية في موسكو حول المشروع السعودي ضد لبنان والحريري بصفة شخصية ورسمية
السعودية تعاقب الحريري على دوره المستقبلي في سورية
أكد الكاتب صلاح النشواتي أن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري بدأ بإعادة بناء علاقته مع الحكومة السورية وقام بتعيين سفير لبناني في سورية، ويسعى للمشاركة وحجز مقعد في استثمارات إعادة الإعمار، والتي إن حصل عليها فستكون على حساب حصة الطرف المحسوب عليه أي السعودية.
وفي حوار له مع مركز كاتيخون للدراسات، أكد النشواتي أن الدور الفرنسي جاء مخلصاً حقيقياً لهذه الأزمة، التي انطلقت منذ إعلان الحريري استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية في الرياض. وفي ما يلي نص الحوار الذي أجراه المركز مع الكاتب.
لو تقدمون لنا قراءتكم اللأزمة السعودية اللبنانية التي تلت استقالة سعد الحريري؟
ما حصل في الرياض بحق رئيس الوزراء اللبناني وتقديم استقالته نقرأه ضمن إطار التكتيك المزدوج للسعودية بحق سعد الحريري شخصياً وبحق لبنان بصفته رئيساً لوزراءه، حيث تراكمت الديون والضرائب على شركات الحريري في السعودية لتصل إلى حوالي 27 مليار ريال، وبعد التسوية خفضت ل 19 مليار ريال.
ولكن دون جدوى فهي مبالغ لم تسد أو تدفع من قبل الحريري، وإنما كان على طريق إعلان الإفلاس في السعودية مما يعني ذهاب هذه المليارات أدراج الرياح، ولكن المشكلة بالنسبة للرياض ليست هنا، بل بأن سعد الحريري المهدد بالإفلاس يعيد بناء علاقته مع الحكومة السورية ويوقع على تعيين سفير لبناني في سورية، ويسعى للمشاركة وحجز مقعد في استثمارات إعادة الإعمار، والتي إن حصل عليها فستكون على حساب حصة الطرف المحسوب عليه أي السعودية، وهو جعل الرياض تستشيط غضباً على سعد الحريري، فهو يتهرب من ديونه وضرائبه ويأكل من حصة السعودية في إعادة الإعمار داخل سورية بشكل غير مباشر، وفي ذات الوقت أصبح يشكل غطاء قوياً لنشاط حزب الله واستقراره في لبنان، فكان لابد من إجباره على الاستقالة ولكن كون القضية تحمل بعد شخصي وليس سياسي فقط، فوجب إحضاره إلى الرياض واحتجازه على شاكلة الأمراء الذين رفضوا تمويل مشروع “نيوم” لولي العهد محمد بن سلمان، وبسبب رد فعل الأمين العام لحزب الله الموزون والمدروس إلى أبعد حد أصبحت الرياض في مأزق قانوني حقيقي حول احتجاز رئيس وزراء دولة أخرى على أراضيها، وتحت طائل المحاسبة والمسائلة القانونية، فغدت أزمة الحريري عاملاً موحداً لصفوف الشعب اللبناني على اختلاف مشاربه الدينية والسياسية، وهو ما صب في مصلحة شخص الرئيس الحريري للتملص من العقوبات الشخصية التي كانت ستفرض عليه، حيث كان المشروع السعودي المحضر للبنان، إحضار شخصية بديلة عن الحريري وأكثر تطرفاً تكون ذات تمويل إماراتي وولاء سعودي، وبعيداً عن ذكر الأسماء التي تحقق هذه المواصفات، هدف السعودية منها تطويق حزب الله داخل لبنان سياسياً، وتخفيف من وتيرة التقارب الإيراني مع لبنان أو التطبيع من وجهة نظر الرياض على أقل تقدير.
كيف ترون الدور الفرنسي فيما يحصل وهل ستنجح وساطة باريس في تسوية الشأن الداخلي اللبناني؟
الدور الفرنسي جاء مخلصاً حقيقياً لهذه الأزمة، حيث عرض ماكرون دوراً لباريس كمخرج آمن للرياض من الورطة القانونية، وهو ما لاقى ترحيباً من قبل الرياض بعد دراسة خياراتها الجديدة، وبعد وصول محمد بن سلمان إلى قناعة تامة أن مواجهة حزب الله ليست مواجهة إجرائية أو فعل تكتيكي، وإنما هي مواجهة استراتيجية بعيدة المدى، وربما تحتاج إلى تهديد عسكري بالقوة الصلبة، لذلك كان الطلب السعودي بعقد قمة في مصر والحديث عن زيارة الحريري لمصر بعد أن قاطعها وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، ومن خلال البيان الختامي الصادر عن وزراء الخارجية العرب باعتبار حزب الله منظمة إرهابية، يتضح أن الإشراك السعودي لمصر في هذه الأزمة هو من مبدأ الموقع الجغرافي لها، وإمكانية الوصول السهل للبنان، في حال التصعيد، أي أن لبنان وحزب الله أمام غزوة أحزاب جديدة يعيدها التاريخ قريباً، وهو حقيقة ما يتناسب مع الطموحات الفرنسية في الشرق الأوسط، حيث من الممكن لفرنسا أن تستعيد دورها وريادتها في الشرق الأوسط من خلال هكذا حرب وحدث مدمر، لتسوق نفسها منذ بواكير هذه القضية على أنها الطرف الوسطي والمرجعية الأساسية لتخفيف حدة أي مواجهة او توتر بين هذه الأطراف.
ماهي توقعاتكم لما بعد عودة الحريري للبنان؟
بكل تأكيد الحريري سيعود فقط ليضغط على الحكومة والرئاسة اللبنانية لتمرير الطلبات السعودية المرحلية كونها ستكون ثمناً لحريته الشخصية والمالية، وهذا الضغط سيكون على شاكلة المضي قدماً في الاستقالة مع التصعيد أو التراجع عنها بشكل مشروط، ونعتقد أن الشرط الأساسي الذي سيناقشه الحريري من تحت الطاولة هو انسحاب حزب الله من سورية بشكل نهائي، تحت مسمى نأي لبنان بنفسه، لتضغط بعدها السعودية وإسرائيل على واشنطن لأنهاء اتفاق الجنوب السوري بين روسيا وأمريكا في هامبورغ 9/7/2017 لمنع إيران من الاستمرار بتواجدها قرب حدود الجولان المحتل، لرفع جهوزية إسرائيل وتقليص المخاطر المحتملة في حال المشاركة بأي عدوان ضد لبنان ينطلق من البحر والبر بقيادة سعودية ومشاركة مصرية إسرائيلية وربما إماراتية أيضاً.