الازمة السورية من منظور آخر
صلاح النشواتي-فلنفترض جدلاً أن الأزمة السورية انتهت اليوم لصالح الدولة؛ماذا سيحدث من الناحية الاستراتجية والعسكرية والاقتصادية ؟من الناحية الاستراتيجية سيكون المخطط الامريكي لخطوط الطاقة قد فشل ومخطط تقويض روسيا وكف يدها عن اوروبا ايضا فشل ومشروع تدمير الحلف (الأيراني-السوري-حزب الله) أيضا قد فشل وستكون خسارة الولايات المتحدة في المنطقة عميقة وستتحول إسرائيل إلى الدولة الباحثة عن السلام بمنطق السلام لا بمنطق القوة وستدفع الولايات المتحدة إسرائيل لقبول حل الدولتين وتبديل سياسياتها التوسعية بسياسات تتلائم مع المنطقة
إضافة إلى خسارة الولايات المتحدة الأمريكية لثقة حلفائها العرب وتراجع دورهم الأقليمي والدولي وتقويض قدرتها على تحجيم الصين والضغط في الاتجاه السالب ضد العلاقات (الصينية-الروسية) المتنامية بشكل مقلق إضافة إلى إنطلاق دول بريكس في مشاريعهم حول العملة البديلة للدولار وصندوق النقد البديل وتوسع منظمة سنغهاي وتحولها لحلف يقابل حلف شمال الأطلسي ويوازيه بالقوة
أما من الناحية العسكرية الداخلية للدولة السورية فسيصبح لسورية جيش من أقوى وأعقد جيوش العالم وأكثرها خبرة وأخطرها على توازن المنطقة كما سيصبح محور المقاومة محور فولاذيا
ومن الناحية الاقتصادية ستتسارع شركات النفط العالمية والصينية والروسية على وجه الخصوص لاستخراج الكميات الهائلة من النفط والغاز داخل الأراضي و المياه الأقليمية السورية مما يعني نهوض غير مسبوق للاقتضاد السوري وبدء التحول نحو نظام إداري أكثر مرونة وتطورا
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل من الممكن حدوث كل هذا بهذه البساطة وأين دور الولايات المتحدة وحلفها الدولي ؟ هل ستقف مكتوفة الأيدي مثلا في ظل هذه العوافب الكارثية لها؟.؟
بالطبع لا…
فحديث الولايات المتحدة وحلفها عن محاربة داعش مع الغموض في الاستراتيجية الأميريكية في سبيل ذلك ليس لعدم قدرتها على وضع الخطط او لعجز امكانياتها العسكرية والاستخباراتية بل لهدف غير معلن لدول الحلف وهي الأبقاء على الوجود الداعشي في المنطقة والانتقال إليه بقواعد عسكرية ضخمة ورسم حدود داعش بالنار وتقوبضه من خلال العمليات العسكرية والقواعد الدائمة ومحاصرة سورية والاقتراب منها بخطواط بطيئة وثابتة واعادة التوازن المسلح داخل الاراضي السورية بين المعتدلين والمتطرفين والدولة السورية وطالما أنت النفط الخليجي هو الممول لهذه العملية والشباب العربي هو وقود هذه المعارك وخسارة لخسارة المعارك نتيجة كارثية للولايات المتحدة وحلفائها هذا يؤدي إلى أن الحسابات التي تتعلق باستمرار الحرب والأزمة في سورية هي حسابات رابحة بامتياز ولن تكون أكثر مما هي عليه اليوم حرب استنزاف للدولة السورية والمنطقة برمتها حتى الأنهاك الكامل وتساوي الأطراف المتقاتلة بحيث تصبح محصلتهم تساوي الصفر
ويبدأ الدور الأمريكي المعتاد بالتدخل الذي لا مناص من قبوله مثل مايحدث الآن في العراق من تدخل اميريكي في أسماء الوزارات الأمنية وفرض تبعية المنطقة برمتها مجزئة إليها والاتجاه فيما بعد شرقاً
إذا بالمختصر هي لعبة متغيرات طويلة الأمد وهي معركة صفرية بامتياز اما رابح كل شيئ او خاسر لكل شيئ ….
في النتيجة لن يكون هناك نهاية قريبة للأزمة لأن افتعال غيرها ضمن النقاش الجدلي أمر مستحيل والخسارة كلية وتكاليف استمرارها مدفوعة بالبترودولار…