مقابلة مع جريدة المغرب حول العملية التركية في عفرين داخل الأراضي السورية
الكاتب والمحلل السياسي السوري صلاح النشواتي لـ«المغرب»: «تركيا تدرك أنّ الدخول براً إلى عفرين أو اجتياحها قد يكلفها حرب استنزاف طويلة»
بقلم: وفاء العرفاوي
• «إنشاء كيان كردي على الحدود التركية هو خطر وذريعة في ذات اللحظة بالنسبة لأنقرة لاجتياح الشمال السوري»
قال الكاتب والمحلل السياسي السوري صلاح النشواتي في حوار لـ«المغرب» انّ الأطماع التركية في الشمال السوري هي أطماع قديمة ، مشيرا الى ان هذه الاطماع زادت في الاونة الاخيرة بعد ان أصبحت ممزوجة بتهديدات للأمن القومي التركي خشية إنشاء كيان كردي على حدودها مع سوريا. واضاف الكاتب السوري ان تركيا تسعى من خلال التصعيد في عفرين إلى التسريع في تشكيل كيانها الجديد تحت مسمى جيش سوريا الموحد كمشروع مقابل لمشروع جيش الشمال لقوات سوريا الديمقراطية.
• ما تعليقكم حول التصعيد التركي الاخير في عفرين؟
الأطماع التركية في الشمال السوري هي أطماع قديمة وليست وليدة اللحظة ولكن مايميز هذه المرحلة هي أن هذه الأطماع أصبحت ممزوجة بتهديدات للأمن القومي التركي بإنشاء كيان كردي حاجز على الحدود التركية يشكل منطقة آمنة أبدية لحزب العمال الكردستاني بالتالي الكانتونات الكردية هي خطر وذريعة في ذات اللحظة بالنسبة لأنقرة، ولكن تركيا تدرك أن الدخول براً إلى عفرين أو اجتياحها قد يكلفها حرب استنزاف طويلة ويثير حفيظة أكراد الداخل التركي في جنوب شرق تركيا لذلك خياراتها محدودة في عفرين بالقصف وإحالة الدخول البري إلى الفصائل المسلحة التي تدعمها في إدلب وهو أمر غير وارد إذ لم تقف عمليتا الجيش في أدلب، مادفع أنقرة إلى اقتران حضور فصائلها وجماعاتها في سوريا إلى مؤتمر سوتشي بوقف الجيش السوري عملياته في إدلب، لذلك نعتقد أن الضغط المفروض من قبل تركيا يهدف إلى الوصول إلى تسوية أكثر منها حرب مدمرة.
أما في مايتعلق بعملية عفرين فهي هدف تركي بامتياز وأحد أهم أسباب مشاركتها في سياق أستانا لخفض التصعيد حيث قامت بتجيير تفاهمات استانا لصالحها لتطويق عفرين تمهيداً للدخول إليها. من ناحية خطة أنقرة للدخول هي تسعى لتشكيل جيش من الفصائل المعارضة تدعمها بغطاء وأسلحة نوعية لاجتياح عفرين، وهو مايمكن اعتباره استنساخا للتجربة الأمريكية في محاربة ‹›داعش›› ولكن على الطريقة والأهداف التركية.
• وكيف تتوقعون شكل الرد التركي على القوة الحدودية الأمريكية؟
أما حول الرد التركي ضد الدعم الأمريكي للأكراد باجتياح عفرين هو ردّ غير مباشر لعبت عليه أنقرة بحيث لاتتصادم مع واشنطن والقوّات الدّاعمة لها ،فأكراد عفرين هم يتبعون للحماية الروسية وهناك العديد من التّفاهمات والتدريبات السابقة بين حميميم وعفرين لتجهيز أكراد عفرين لمحاربة «داعش». بالتّالي عفرين لا تخضع للوصاية الأمريكية وتركيا بمهاجمتها عفرين لا تصعد بشكل مباشر ضد أمريكا بل تلعب في الوقت الضائع بسبب تراجع حدة الموقف الروسي الداعم للأكراد بعد الفشل في جذبهم من الحضن الأمريكي ومحاولة استخدامهم من قبل واشنطن لتشكيل كيان مستقل داخل سوريا وهو مالا توافق عليه موسكو بأي شكل من الأشكال.
• هل نعتبر هذا الأمر منسّقا بين الولايات المتحدة وتركيا؟
والنقطة الخطيرة في هذا الموضوع هو الأبعاد الدولية لهذه المعركة حيث تسعى تركيا من خلال التصعيد في عفرين إلى التسريع في تشكيل كيانها الجديد تحت مسمى جيش سوريا الموحد كمشروع مقابل لمشروع جيش الشمال لقوات سوريا الديمقراطية، وستوكل لجيش سورية الموحد مهمة دمج النصرة بتراتبيته العسكرية التابعة لتركيا بشكل مباشر وسيشكل هذا الجيش الغطاء الآمن والمطلوب لتفتح طريق توريد السلاح الفتاك والنوعي من أوكرانيا بعد تزويد واشنطن لكييف بهذه الأسلحة والسماح لها باستيرادها، أي أن تركيا تناور المناورة الأخيرة في عفرين لتأمين الهيكلية العسكرية لمبادرتها حتى تقدمها بديلاً عن قوات سورية الديمقراطية لواشنطن، بمعنى أن هذا التصعيد يحمل في منظوره الآخر حلاً بديلاً تصالحياً مع واشنطن في حال نجاح المبادرة التركية بتشكيل الجيش الموحد وفي ذات الوقت يحمل تهديداً بالتصعيد والتصادم في حال الرفض الأمريكي للمبادرة التركية أو الفشل في إعداد الجيش الموحد التابع لأنقرة، ومن المتوقع أن يحقق هذا التصعيد التركي نتيجة مع واشنطن ويكسب أنقرة بعض الوقت.
و برأيكم ما هو موقف الحكومة السورية من هذا التصعيد التركي؟
وفي مايخص موقف الحكومة السورية من مايوصف بالاعتداءات المتعددة الأطراف فإن دمشق تنتظر خروج أحد الطرفين منتصراً ومنهكاً من هذه المواجهة ليكون دور الجيش السوري بالقضاء عليه أو استبعاده أمراً محتوماً وبدعم من القوات الرديفة وغطاء من القوات الجو-فضائية الروسية، إضافة إلى أن التصعيد التركي ضد عفرين أجبر مايسمى الإدارة الذاتية لشمال سوريا «روج آفا» على تأجيل المرحلة الثالثة والأخيرة من الانتخابات الإدارية إلى أجل غير مسمى تحت ذريعة أسباب تنظيمية وهو مايصب بشكل غير مباشر في مصلحة وحدة الجغرافية السورية.