مقابلات صحفية

مقابلة صحفية مع وكالة العربي الاخبارية حول الدخول التركي إلى أدلب

باحث سياسي سوري: قرار إعدام جبهة النصرة في إدلب.. جمع التواقيع الدولية المطلوبة

خاص وكالة العربي اليوم – حوار سمر رضوان
قال الباحث والمحلل السياسي صلاح النشواتي إنّ أهم ما يميز السياسة الخارجية التركية أنها لا تقوم على مبادئ ثابتة وإنما تعتمد البراغماتية بشكل كبير في صناعة القرار وصياغة تحالفاتها الدولية وهو إن دلّ على شيء يدل على أن تركيا أصبحت قوة غير قانعة بنسقها الحالي في النظام الدولي وتسعى للمناورة نحو دور أكبر وأكثر فعالية.
وأضاف الباحث النشواتي في حوار خاص لوكالة العربي اليوم الإخبارية، أنّ الجديد في سياسة حزب العدالة والتنمية هو الحذر الشديد

بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي كادت أن تطيح بالحزب وقيادته إلى الأبد، وتندرج العملية التركية في إدلب ضمن سياق هذا الحذر خوفاً من أي تداعيات غير مرغوبة أو زيادة في تعقيد المخاطر التي تجابه الأمن القومي التركي.
مشيراً إلى أنّ الحكومة التركية صرّحت على لسان مسؤوليها أكثر من مرة حول الخوف من التصادم مع الجيش السوري أثناء تطبيق تركيا لدورها في اتفاق خفض التصعيد والتوتر، وهو ما يفسر أيضاً الاجتماعات والاتصالات المكثفة التي قام بها أردوغان مع الرئيس الروسي قبل الشروع في هذه العملية، تفادياً للغرق في مستنقع لا مخرج منه.
وأردف النشواتي أنّه وبمجرد الدخول التركي إلى إدلب من دون غطاء دولي وتنسيق روسي إيراني يعني أنها ستصبح مستهدفة من ثلاث جهات تسعى للقضاء عليها وهي أكراد عفرين والجيش السوري وجبهة النصرة التي باعتها تركيا لروسيا مقابل صفقات ثنائية تخدم تركيا، فعلاقة تركيا السابقة بالنصرة الإرهابية كانت علاقة الداعم والمعتمد على جهود هذا التنظيم الإرهابي لتحقيق التوسع بما يخدم المشروع الإسلاموي الذي سعى إليه أردوغان سابقاً.
منوّهاً أنّ ضمانات الدور التركي تتطلّب في دخول إدلب محاربة النصرة وفصل الفصائل المعتدلة عن الإرهابية، ما سيمكنها بالنتيجة من تطويق عفرين وتفادي أي صدام مع الجيش السوري أو القوات الرديفة له، وحجز مقعد لها في مستقبل العلاقات السورية التركية، كنتيجة لإعادة ترتيب أولويات الأمن القومي التركي بعد التطورات الخطيرة في ملف الأكراد، ما دفع بأردوغان إلى ممارسة الخداع المزدوج في حق جبهة النصرة حيث سرب معلومات استخباراتية مهمة حول قياداتها ومواقعها للطيران الروسي والتي أدت إلى غارة روسية ضخمة قتل خلالها كبار قادة هذا التنظيم الإرهابي.
وتابع أنّ تركيا أوهمت جبهة النصرة أن دخولها لن يتضمن مواجهة مباشرة مع التنظيم وإنما تمويه لتطويق أي محاولة لدمج الكانتونات الكردية، بالتالي ليس أمام تركيا إلا محاربة جبهة النصرة الإرهابية لتحقيق مصالحها وخدمة أمنها القومي والحفاظ على دورها الإقليمي وليس من منطق الدور الشريف أو خدمة للشعب السوري، خاصة أن هناك شبه اتفاق دولي على إعدام جبهة النصرة في سوريا بحيث حتى داعش الموجهة من الاستخبارات الأمريكية أضحت تقاتل النصرة في ريف حماه، ما يعني أن قرار إعدام جبهة النصرة قد جمع التواقيع الدولية المطلوبة.

وأردف المحلل السياسي النشواتي أن الجدير بذكره أيضاً أن عملية درع الفرات غير الشرعية ودخول تركيا لإدلب أصبح مؤطراً باتفاقيات وتفاهمات استانا، ما يعني إلزام تركيا بالانسحاب من الأراضي السورية فور انتهاء الغاية الذي وقع الاتفاق لأجله تحت طائل تداعيات خطيرة غير مرغوبة قد تجمع عليها دول الإقليم وتطيح بتحالفات أنقرة ومكانتها المستحدثة في الحلف الأوراسي إلى العزلة الدولية الكاملة.

ولفت إلى أنّ تركيا تسعى من خلال زيادة حشودها العسكرية إلى تحقيق عدة أهداف في آن واحد، أول هذه الأهداف هو التعبير عن صدق نواياها في تطبيق مقررات استانا، ما يعني زيادة فعالية دورها الإقليمي وتحولها من طرف في الصراع إلى طرف في حل الأزمة السورية، ثانياً لحماية أراضيها من أي تسرب مسلح قد ينطلق من الأراضي التي يتجمع فيها الإرهابيين سواء الكرد من وجهة النظر التركية أو المسلحين في إدلب والذي تتخوف أنقرة من دخولهم الأراضي التركية في حال شن الجيش السوري أي عملية ضاغطة في إدلب قد تدفع المسلحين لخيار التراجع إلى داخل الحدود التركية ما يعني تحول المنطقة الحدودية التركية إلى ساحة معارك وتفلت أمني يستفيد منها كل أعداء تركيا.
وأكمل أنّ ثالثا أمر رفع جهوزية الجيش التركي على الحدود مع سوريا تمهيداً لاجتياح عفرين بالكامل، وهو سيناريو يطبخ بعناية فائقة داخل الأروقة الحكومية في أنقرة، حيث تسعى الحكومة التركية من خلال التحشيد العسكري والانتشار في إدلب إلى تطويق عفرين من ثلاث جهات انتظاراً لأي إشارة التحام او تصادم بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري شرق الفرات، ما يخفف من حدة الموقف الروسي الحامي لأكراد عفرين ويمهد الظروف لاجتياح عفرين بأسرع وقت ممكن قبل التوصل لأي رد فعل دولي من الممكن أن يؤثر على سير العملية، أي أن الحشود العسكرية التركية هي حشود تصعيدية متعددة الأغراض على أقل تقدير، وليست موجهة ضد الجيش السوري.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى