سورية….الثقب الأسود في النظام الدولي
صلاح النشواتي-من المعلوم عن الثقب الأسود جاذبيته الهائلة وقدرته التدميرية الكبيرة لأي شيئ يدور في فلكه أو يقع فيه ولكن ذلك في الفضاء فماذا عن الأرض ؟
فعلياً شكلت سورية الثقب الأسود للأرض
بكل ماتحمله الكلمة من معنى فمحاولة افتعال الأحداث في سورية وإسقاط الدولة فيها أدى إلى تعديل كافة مكونات هذه الدولة للتصدي لهذه الهجمة حيث تحولت بدورها إلى منطقة تورط لسياسيات أكثر من مئة دولة وامتلكت الدولة السورية بسبب موقعها الجيوستراتيجي قدرة جذب هائلة لأطماع الغرب الذي يدور في فلك السيطرة على الشرق الأوسط لأسباب أقتصادية وسياسية تبلور وتعزز بنية النظام الدولي القائم على الأحادية القطبية الأمريكية ولكن التعديل الذي طرأ في بنية ومكونات الدولة السورية الغير متوقع بالنسبة للغرب جعل من سورية هذا الثقب الأسود العملاق، مبتلعاً بجاذبيته وقوته شكل النظام الدولي، لنصبح في مجتمع دولي يعاني من الميوعة الاستراتيجية الكاملة، فلا الولايات المتحدة الأميركية قادرة على قيادة العالم كما كانت من قبل، ولا روسيا قادرة على أن تفرض وجودها مع حلفائها كقطب آخر في المجتمع الدولي، هذا من ناحية..
وعلى الصعيد الأقليمي أحد أهم الأسباب في نشوء هذه المعضلة هو تضارب سياسات دول الأقليم ومصالحها بعضها ببعض، فأصبحت بالتالي جزءاً لا يتجزأ من هذا المدار، وانتهى بها المطاف لأن تكون نقطة جذب لكل مسلحي وإرهابيي ومتطرفي هذا العالم على صعيد الأمن والسلم الدوليين ليصبو ضمن الجغرافية السورية مترافقاً هذا الحدث مع الشذوذ الواضح في سياساتها الخارجية والأمنية..
إضافة إلى أن قدرة الجذب للأزمة في سورية أدى إلى تحولها إلى ساحة المعركة التي يمكن أي تؤثر نتائجها على المسار السياسي للعالم أجمع، وهذا ما ظهر جلياً من خلال مواجهات سياسية بين روسيا والولايات المتحدة الأميريكية، ومواجهات إقتصادية مدمرة كخفض سعر النفط عالمياً، وتخبطات أمنية بين من هو الإرهابي ومن المسلح ومن المعارض المعتدل، ومن يجب دعمه ومن يجب مكافحته..
وتضعنا هذه المقاربة في استقراء سيناريوهين بعد نهاية هذا الثقب
أولهما : إما أن يشكل نقطة إلتقاء العناصر المتجمعة بعضها ببعض ليبدأ نجم جديد أكثر قوة وتألقاً بالظهور (في حال نجاح المفاوضات النووية الإيرانية وتقبل الكونغرس الأميريكي والسعودية لفكرة إيران قوة إقليمة في المنطقة وإقامة التوازن والسعي في حل القضية الفلسطينية وبالتالي روسيا ودول البريكس شريك على الصعيد الدولي)
ثانيهما: أن يقوم هذا الثقب بابتلاع كل شيئ حتى لا يبقى إلا الدمار والعدم (وهو حال قيام الكونغرس بنقد الاتفاق مع إيران-في حال الوصول له- و تبني نتنياهو بعد فوزه الغير متوقع بالانتخابات سياسية هجومية عدوانية عسكرية مع الحلف السعودي-الخليجي-التركي ضد إيران وقدراتها النووية وبالتالي يكون فتيل حرب مدمرة على مستوى العالم)