مقابلات صحفية

حوار خاص مع مركز سيتا للدراسات الاستراتيجية حول القمة الرئاسية (روحاني-اردوغان-بوتين) في سوتشي

النشواتي: للأتراك والإيرانيين أهداف من مؤتمر سوتشي

بعد ما رشح عن اتفاق أعلن عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيريه التركي والإيراني بشأن جميع القضايا الرئيسية المتعلقة بالقمة المرتقبة حول سوريا في مدينة سوتشي الروسية، حاور مركز “سيتا” الأستاذ صلاح النشواتي، الكاتب والمحلل السياسي السوري، حول أهداف مشاركة تركيا وإيران من المشاركة في هذا المؤتمر.

اختلاف في الأهداف وتوافق في الشكل

يرى الأستاذ النشواتي بأن “هناك هدفين مختلفين تماماً، لأنقرة وطهران، في الجوهر ولكن متطابقين في الشكل حيث يؤطر الحل السياسي للأزمة السورية الأهداف الخاصة لكل منهما. بالنسبة لطهران، ترى في مؤتمر سوتشي الثقل السياسي اللازم لدفع مكانة طهران الإقليمية والدولية لجهة تحقيق التوازن مع الدور التركي في المقابل، إضافة إلى السعي نحو التأثير على مفهوم أنقرة حول الأمن القومي بما يخدم حل الأزمة السورية (كعرض تجربتها الداخلية مع الملف الكردي)، لتحول دون التصعيد التركي داخل الأراضي السورية، وبناء حلف مستقبلي معها يكسر قاعدة المواجهة السنية – الشيعية التي تتزعمها وتروج لها السعودية، خاصة مع تقارب وجهات النظر حول الملف القطري إذا لم يكن يتطابق تماماً، بالتالي حضور مؤتمر سوتشي والتنسيق مع تركيا ضمن المبادرة الروسية، يدفع بالثقل الإيراني الإقليمي نحو الزيادة ويجرد السعودية ودول الخليج من أهم ذرائعهم التحشيدية ضد إيران، ما يشكل بمجمله تحقيق لمصلحة وطنية إيرانية تنعكس أيضاً على الملف السوري، وتثبيت الوجهة ضد إسرائيل بالاقتراب جغرافياً وعسكرياً منها، بعد أن كانت أهم أهداف الأزمة في سوريا تفتيت حلف المقاومة جغرافياً وعسكرياً.”

أما من المنظور التركي، يقول الأستاذ النشواتي “ليس لدى أنقرة اليوم خيارات حقيقية في التعامل مع تهديدات التي تجابه الأمن القومي التركي، وحتى تحالفاتها التقليدية أثبتت، عملياً، أنها إن قدمت لتركيا شيئاً، فهو الرفض والتمييز من الاتحاد الأوروبي، ودعم المنظمات المعادية كقوات (قسد) من قبل واشنطن، أي أن الانزياح التركي نحو المحور الأوراسي هو أمر لا مفر منه، وليس الخيار المتاح الذي تبنته أنقره، ما يعني أن الحكومة التركية تعاني من ضبابية في الرؤية الاستراتيجية لمستقبل تحالفاتها، وتبني على أساس ردود الفعل الآنية والقريبة الأجل. لذلك، يجب أن تكون العلاقات معها مضبوطة وتحت المجهر، لإن احتمال تفلتها وتنصلها من أي التزام مع الدول الأخرى هو أمر وارد جداً. هنا يأتي الدور الروسي في جر العلاقات مع تركيا إلى تحالف “شراكة” استراتيجي، والذي بدأت بوادره من خلال صفقة صواريخ الـ s-400.”

ويضيف النشواتي بأن “مشاركة تركيا في سوتشي تهدف لشرعنة وجود قواتها، بالدرجة الأولى داخل، الأراضي السورية، لتطويق عفرين في انتظار الانقضاض، بأي لحظة، يصطدم فيها الجيش السوري مع (قسد). على الجانب الاقتصادي، تسعى أنقرة الى تأمين حصتها من إعادة الإعمار في سوريا لتعويض خسائر الاقتصاد التركي، وإعادة الثقل الاقتصادي التركي عبر البوابة السورية جيو-سياسياً إلى سابق عهده، كون الاقتصاد هو العامل الرئيسي لبقاء حزب العدالة والتنمية في صدارة المشهد السياسي التركي، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، تسعى تركيا إلى تعديل صورتها من دولة خالقة وصانعة للأزمات إلى دولة تكون جزءاً من حلول المنطقة ومرجعياتها، وهو ما يتطلب حضوراً دائماً واستغلالاً لجميع الفرص المتاحة في هذا السياق.”

المشاريع الأميركية في سوريا

وعن ما يدور حول انسحاب أمريكي ميداني، يقول المحلل النشواتي بأنه “انسحاب جزئي إلى حد الآن وليس انسحاباً كلياً، حيث تعمل واشنطن في سوريا بناءً على ملفين الأول: ملف دعم المعارضة المسلحة التي تشغله الاستخبارات المركزية الأمريكية، والثاني: دعم قوات قسد التي تشغله الاستخبارات العسكرية في البنتاغون.”

وعن المشروع الأول، يرى الباحث بأنه “انتهى وأثبت فشله وهدره للأموال والطاقات، بالنسبة لواشنطن، وكان آخر مسمار دُق في نعشه هو إعلان واشنطن التخلي عن المسلحين في التنف والاستعداد للانسحاب من القاعدة، والسبب الحقيقي في ذلك هو فقدان القيمة الاستراتيجية للتنف بعد وصول الجيش السوري إلى دير الزور والبوكمال وعبوره الضفة الشرقية لنهر الفرات، وتحولها من قاعدة ارتكاز متقدمة إلى نقطة ضعف يستطيع أي طرف استهدافها في حال تصعيد المواجهة.”

اما المشروع الثاني فهو “قائم إلى حد اللحظة وناجح بالنسبة للإدارة الأمريكية وتستمر في دعمه وتطويره، ولا يمكن أن يكون هناك أي انسحاب منه الا عند تحقق ظرفين قاهرين بالنسبة لواشنطن؛ الهدف الأول، وصول الجيش إلى الرقة والسيطرة عليها. اما الهدف الثاني، رضوخ القيادات الكردية لإجراء مفاوضات مع دمشق والتخلي عن احلام السيطرة والسلطة اللامحدودة كما هو حال فهمهم للنظام الفدرالي.”

ويتابع النشواتي “في حال تحقق هذين الظرفين، سيعود الأكراد تحت الراية السورية بخصوصية الأقلية، أي أن أي استهداف خارجي لهم هو استهداف لدمشق ما يضع أنقرة وحيدة بطموحها في القضاء عليهم، ويخفف أيضاً من حدتها في التعامل مع الملف، مما يجعل التوصل لتفاهمات مع دمشق حول استهداف عناصر حزب العمال الكردستاني فقط دوناً عن الأكراد السوريين ممكناً في المستقبل، كالحال مع العراق، أو قبل الأزمة السورية في اتفاقية أضنة 1988.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى