المقالات

تحالف اللحظة الأخيرة

صلاح النشواتي-انطلاقاً من شكل النظام الدولي الحالي والقائم على حالة اللاقطبية أو الميوعة الاستراتيجية نتيجة الخلل في ميزان القوة الدولي بزيادة القوة لكل من الصين وروسيا وتراجع الولايات المتحدة الأمريكية من أقوى الأقوياء إلى أحد الأقوياء أدى ذلك إلى فتح مجال للمناورة الضيقة امام الدول التي لها وزن أقليمي محاولة من خلاله تحقيق أكبر قدر ممكن من أجنداتها الخاصة بعيداً عن الإرادة الدولية أو أجندات الدول العظمى…
وفي الإسقاط على منطقة الشرق الأوسط

نجد أن السعودية استغلت كامل المساحة المتاحة لها في المناورة لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الليبراليين في المنطقة، مما دفع الأخيرة (الولايات المتحدة الأمريكية) إلى محاولة إعادة ضبط الخطوط الحمر على السياسة والساسة السعوديين وكانت هذه الخطوط مقابل المساعي الأمريكية للحل السياسي للأزمة السورية ومكافحة الإرهاب مما أنتج الاتفاق الأمريكي-الروسي والقرار 2245 ويليه القرار 2268 لوقف الأعمال العدائية في سورية، والاتفاق على على أن يترك منصب رئيس الجمهورية العربية السورية تحت بند (حق الشعب في تقرير المصير)…
وهذا مالا يريضي السعودية ولا يصب في مصلحتها حيث كانت قد جمعت شخصيات المعارضة ذات الولاء الأمريكي ضمن وفد واحد بحمل اسم العاصمة السعودية (وفد الرياض)
محاولة بتلك الخطوة أن تستلم دفة الصراع في سورية بالتالي فرض آلية وشكل الحل في سورية من قبلها.
فأصبح وفد الرياض الذي كان بمثل النفوذ الأمريكي في السلطة السورية المستقبلية مرتهناً بشكل كامل للسعودية، مما دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى فتح ملف 11 سبتمبر والضعط على السعودية بهذا الملف والذي يشكل أحد أكبر التحديات خطورة للأمن القومي السعودي ويضعه تحت المجهر بشكل مباشر، فكان رد الفعل السعودي باتفاقياتها مع مصر والاعتراف بسعودية الجزيرتان في خليج العقبة وما تحمله هاتين الجزيرتين من قيمة استراتيجية للأمن القومي الإسرائيلي، وبالتالي التعهد السعودي بضمان اتفاقة كامب ديفد (الصمرية-الإسرائيلية) ومما لاشك فيه أن الحكومة الإسرائيلية استغلت هذه الفرصة بعد تامين حديقتها الخلفية بيد أكثر حلفائها أمانة وعقدت اجتماعها في الجولان السوري المحتل والذي تهدف السياسة الإسرائيلي من خلاله إلى تثبيت خط الحدود والانقلاب على حدود (سايكس-بيكو) والتي تعلم مسبقاً أن هذه الاتفاقية تعد أيامها الأخيرة نتيجة التغير بميزان القوة الدولي والذي سيؤدي بالضرورة إلى تغير توابعه والتي يقع ضمنها اتفاقية (سايكس-بيكو) فكان الاجتماع لتثبيت خط الحدود وكضربة استباقية قبل فرض اي اتفاق أو تغيرات جيوبوليتيكية على الحدود السياسية الحالية.
وهنا كانت اللعبة السعودية بربط امنها القومي الذي قد يوضع تحت المجهر الامريكي بالامن القومي المصري و الامن القومي الإسرائيلي بحيث تخرج نفسها من اي تغييرات في الشرق الأوسط وتضمن بذلك كامل السيطرة المستقبلية على أراضيها و مما يسمح لها بهامش أكبر لتحقيق مصالحا بعيداً عن الأجندة الأمريكية وبالأخص في سورية.
حيث أمرت السعودية وبشكل واضح وفد الرياض بتعليق المفاوضات والدعوة لإسقاط الهدنة ومايحمله هذا القرار من أبعاد في إفشال محاولة التقارب الدبلوماسي (الروسي-الأمريكي) وجر هذه العلاقات الثنائية نحو مزيداً من التوتر بالإضافة إلى محاولاتها الحثيثة لأسقاط الدولة والسلطة في سورية.
ومن هنا أقول أن ما تقوم به السعودية سيصب بشكل غير مباشر في صالح السلطة في سورية وفي صالح الحوار السوري-السوري في جنيف، والسعودي المبتدأ في السياسة والاستراتيجيا لايعلم أن هذا القرار الذي اتخذه سيدفع الولايات المتحدة الأمريكية التي من مصلحتها وضمن توجهها الاستراتيجي إنهاء الصراع في سورية وتقويض الإرهاب واستكمال التوجه شرقاً، سيدفعها إلى استبدال وفد الرياض مقابل وفود أخرى كانت روسيا قد احتوته مسبقاً تحسباً لمثل هكذا تفلت، بالتالي مرونة أكبر في التفاوض من قبل المعارضة، وأوراق أقل للتنازل عنها من قبل السلطة في سورية، وطبعاً لاتزال إلى اليوم الجماعات الإرهابية في سورية غير مصنفة بالشكل الكامل من قبل الولابات المتحدة الأمريكية والذي سيكون الأداة لضبط توجهات وقرارات المسلحين على الاراضي السورية تحت القرارات الروسية-الامريكية المشتركة.
فكان تحالف اللحظة الأخيرة والذي سيسقط أمام الاتفاق الروسي-الأمريكي…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى