المقالات

سورية وأوكرانيا توأمان

صلاح النشواتي-من أحد أهم المستويات التي قامت عليها الأزمة السورية هي المستوى الجيوستراتيجي حيث شكلت سورية عقدة الوصل بين الخليج وأوربا أي النقطة المحورية للحلفين الدوليين المتصارعين (روسيا- الولايات المتحدة الأمريكية)وتأتي أهمية سورية بالنسية لروسيا أنها منفذها على البحر الابيض المتوسط والشرق الأوسط بشكل عام بينما تشكل في المنظور الأمريكي الركيزة الأساسية لتحجيم الحلف الروسي عن طريق إيصال أنابيب الطاقة لأوروبا التي تعتمد في استهلاكها للغاز على روسيا بشكل رئيسي مما أفشل مخطط الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا الشرقية الموجه ضد روسيا بسبب تلويح روسيا بورقة الطاقة ضد أوروبا بالتالي هناك نقطتان محوريتان لإخضاع روسيا الأولى هي الموقع الجيوستراتيجي لسورية
والثاني هو الموقع الجيوبولتيكي لأوكرانيا
وهنا تبدأ نقطة الربط بين الازمتين…
حيث تشكل أوكرانيا خاصرة روسيا ومطلها على البحر الأسود عن طريق القرم
لكن السؤال هنا لماذا أتت أزمة أوكرانيا كلاحقة للأزمة السورية؟
الجواب يكمن في العلاقة الكامنة على الصعيدين (الاقتصادي-العسكري) وعلاقة التأثير المتبادلة بينهما وحاجة اوروبا إلى بديل عن الطاقة الروسية الذي يستغرق إيجاده حوالي العقد من الزمن كما هي الحال في التجربة الألمانية، ومما فجر أزمة أوكرانيا هو الوصول إلى حالة اليأس المرحلي من الاستقرار الأمريكي في سورية وقوة الموقف الروسي تجاهها، حيث كان من الضرورة التدخل الأميريكي تحت أي ذريعة لإمالة كفة الميزان لصالح وكلائها في المنطقة، وجاء ذلك جليا في تحريك الأسطول السادس لضرب سورية بذريعة السلاح الكيماوي، ولكن العقية كانت في تورط أمريكا في هذه العملية خارج الشرعية الدولية مما يعطي لروسيا دور الدولة صاحبة الإلتزام الدولي، فحلت الأزمة الأوكرانيا لوضع روسيا في نفس الموقف تجاه أوكرانيا، حيث كان من المنتظر رد الفعل الروسي المشابه للرد في جورجيا، حتى تخرج عن شرعية القانون الدولي، وبالتالي تنشغل عن تدخل الولايات المتحدة في سورية، وتكسبها الشرعية غير القانونية في التدخل، ولكن ماكان من روسيا إلا أن ردت بالمثل واستطاعت استنهاض الشعور بعظمة الإنتماء لها لدى سكان شرق أوكرانيا والقرم، والتي تشكل مفذها على البحر الأسود، 

ولكن السؤال هنا ماهو سر الاجتماع بين لافروف وكيري على هامش اجتماع الجمعية العمومية والإتفاق المبدأي يشأن أوكرانيا بالتزامن مع البداية الخجولة للتنسيق الأمريكي مع الحكومة السورية لضرب داعش بعد الاعتراف الضمني بواقع عدم وجود قوات معتدلة في سورية؟
الواقع هو تخوف الولايات المتحدة من حالة شبيهة بداعش في سورية بالنسبة لأوكرانيا (ولايشترط أن تكون على أساس ديني بل على أساس المقاييس الأمنية لأوروبا وأمريكا)
وبذلك تكون قد حققت تقدما نوعيا حاليا ريثما تحل مشكلة الاعتماد الأوروبي على الطاقة الروسية
ومن هنا يمكننا الاستقراء بتحول أوكرانيا إلى ساحة للحرب الباردة وبقاء سورية ساحة المواجهة الساخنة إلى حينها وهذا مايفسره تصريح كاميرون عن أن محاربة داعش ستستمر لسنوات طويلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى